sliderمقالات ورأي

ماذا في جعبة العاهل المغربي؟

مرحبا بكل زوار موريتانيا و على الرحب و السعة لكن توقيت و ظرف و مكان و زمان دعوة الزيارة الثنائية المتبادلة فيها نظر لان العلاقات الموريتانية المغربية فيها فتور و جمود و غدر و أحاديث و شجون و أطماع و مصالح و خطط و نوايا غير ودية من الجار الشمالي (اللدود) لا اريد هنا سرد كرونولوجي للمواقف غير الودية للجارة المغرب فهي ذكريات تأبى الذاكرة نسيانها و يجددها التاريخ الذي يعيد نفسه ليؤكد مقولة أشبه اليوم بالبارحة
شخصيا أكن كل الود و المحبة للاخوة المغاربة رغم تحفظي على بعض التصرفات و التصريحات و السلوكات اللا إرادية التي تصدر منهم بين الفينة و الأخرى
المغاربة لهم حلم توسعي مزروع في مخيلتهم و نشيد يحفظه الجميع فعبارة (من طنجة إلى نهر السنغال مرورا بالكويرة مع توقف في تندوف) هي على لسان كل مغربي و شخصيا لا أمانع عندي شريطة أن يمتد الحلم من الناظور نحو سبتة و امليلة المغربيتين المغتصبتين من طرف أسبانيا فكما يقال لا يتنفل من عليه قضاء
نعود إلى موضوع الزيارات ترى ماذا يحمل العاهل المغربي في جعبته إلى نواكشوط ؟ لقد أشرت في مقال سابق بعنوان (الكركارات و كشف المستور) إلى أن موريتانيا ليست هي الحلقة الأضعف كما يروج لذلك بعض مدوني و صحافة (الطماطم) فهي لديها بدائل و خيارات و هي جزء من الحل و ليست بعض من المشكل
خلال الفترة الماضية للرئيس السابق و الحالي شهدت علاقات البلدين جمود و سبات و رسائل دبلوماسية محتشمة و سارت على نفس الوتيرة عجلة الأستثمار و الإقتصاد بأستثناء أستيراد الخضروات و الفواكه و الالبان و ومشتقاتها و شركة الاتصالات الرديئة الخدمات (موريتل) و بنك التجاري الخامل و الاستيطان الخفي للمغاربة عبر المحلات التجارية و الدكاكين و النقش و الزخرفة و المجازر و تزوير العملة المحلية لا تكاد تذكر استثمارات اقتصادية او صناعية مغربية كبرى في موريتانيا بالنسبة للرباط تعتبر موريتانيا منطقة عبور نحو افريقيا للاستثمار هناك بينما هي هدف للبضائع الغذائية من الدرجة الثالثة و التي لا تصلح للتصدير نحو اوروبا و لا للبيع في السوق المحلي كما أنها وطن آمن لآلاف المهاجرين المغاربة للعمل و الإستقرار
الناحية الثانية قام جلالة الملك محمد السادس بسلسلة لا متناهية من الزيارات إلى العديد من الدول الأفريقية و بالطبع موريتانيا خارج الرزنامة و لو بتوقف تقني للمجاملة هنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح لماذا هذا الوقت بالذات ؟ و ما السر في هذه الودية و الشوق المفاجئ لتبادل الزيارات ؟
طبعا الجواب واضح و لا يحتاج إلى ذكاء خارق او تحاليل لكبار مكاتب الدراسات الإستراتيجية و حسب نتائج و معلومات توصلت بها خلال تقصي و بحث عن أحداث معبر الكركارات كانت أولها أختناق اقتصادي شديد و خسائر مالية و مادية و أستثمارية كارثية و بالتالي لابد للمغرب ان يتحرك من اجل إيجاد متنفس و بالطبع موريتانيا هي مكان الحل و الربط و هي أوكسجين التنفس من الطبيعي ان تسعى الرباط إلى البحث عن وساطات و بدائل و تتحرك الترسانة الإعلامية و الدبلوماسية و الرسمية لإيجاد منافذ و حلول و تفادي المزيد من الخسائر خاصة بعد إعلان العاهل المغربي الالتزام بوقف إطلاق النار من جانب واحد بعد هجمات جيش التحرير الشعبي الصحراوي التابع لجبهة البوليساريو على مواقع تابعة للجيش الملكي قرب الجدار العازل و تحللها من إتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة في العام 1991 م قد تكون خطوة ذكية من العاهل المغربي في الوقت الراهن و هذا لكسب و إستدرار العطف الدولي و الأممي لكن إن استمرت البوليساريو في هجماتها و توسيع نطاقها قد تضع المغرب أمام خيارات الدفاع و المواجهة الحتمية حينها تتضح الأسباب و الدوافع عن نية قرار الرباط (سوف أتطرق بتفاصيل اكثر في حينها)
ما اريد الوصول إليه هو ان زيارة العاهل المغربي المفترضة لا تحمل في حقيبتها مفاجأة مالية أو تمويلية او أستثمارية من شأنها تحسين الوضع الإقتصادي المتردي و الذي بحاجة إلى دعم و أرصدة مالية ضخمة لا تقوى الخزينة المغربية على توفيرها في ظل الأوضاع و المواقف و الأزمات الحالية
من ناحية أخرى لا توجد رؤوس أموال مغربية (جبانة) كما يقال في موريتانيا تستدعي زيارة بهذا الوزن و الثقل
حسب اعتقادي يلعب الطابور الفرانكفوني دورا محوريا للضغط على نواكشوط عبر سلسلة من الإغراءات و الإكراهات و التهديدات خاصة لقاءات و تحركات السفير الفرنسي بموريتانيا ربما من أجل تسهيل و لو بوعد او تصريح رسمي بقبول الزيارات و تثمين تصريحات ملك المغرب
النقطة الثانية و هي إستغلال المغرب لورقة حلف (الرياض – دبي) الذي أختارته الحكومة الموريتانية حبا او كرها و هذا من أجل التخفيف من الإجراءات العسكرية المشددة على الحدود الشمالية و منع حركة تنقل البضائع و الأشخاص عبر معبر الكركارات
لكن حسب وجهة نظري تلك الأوراق لا تؤثر على موقف و قرار الحكومة الذي ينبعث من السيادة و المصالح العليا للبلاد بغض النظر عن اي توجهات او تصريحات هذا من ناحية من جهة أخرى لا تمتلك المغرب اي ورقة ضغط فعالة على نواكشوط فمصالح الرباط الإستراتيجية و التجارية مرتبطة بموريتانيا و ليس العكس فالمغرب خلاف ما ذكرنا آنفا لم تقدم اي تعاون خبرة في مجال حيوي حتى في القطاع الزراعي الذي يمتلك الإخوة المغاربة خبرات و تجارب مثمرة و سبب حسب العارفين بأغوار و كواليس القضية يعود إلى هاجس المغرب من كساد البضائع المغربية و تخوف من سيطرة موريتانيا على تصدير المنتوجات الزراعية إلى الجوار الإفريقي
أما فيما يخص حلف (الرياض- دبي) فموريتانيا عمليا غير ملزمة بتوجهات الحلف فيما بتعلق بالأمور و القضايا السيادية فالمشاريع و التمويلات و المستشفى التي تعهد بها ولي العهد السعودي إبان زيارته لانواكشوط لا زالت حبرا على ورق مثل ملياري دبي خلال زيارة الرئيس الموريتاني للإمارات
الإمارات التي سيطرت على تسيير مطار نواكشوط الدولي عبر شركة افروبورت و من خلال صفقة مشبوهة و مثيرة للجدل حيث بدأت في تسريح عشرات العمال كما قامت بفتح قنصلية بالعيون الأقاليم الصحراوية في خطوة غريبة قد تسقط المغرب في وحل حرب الصحراء كما سقط الحلف في مستنقع اليمن
كما تشير تصريحات شديدة اللهجة منسوبة لوزير الخارجية الموريتاني تنتقد إسرائيل و ربما هي أولى الخطوات نحو محور (الدوحة – أنقرة) بعد تعيين دبلوماسي رسمي في قطر
إذن ان تمت زيارة العاهل المغربي إلى نواكشوط فبدون أدنى شك فسوف يأتي صاحب الجلالة و هو (خالي الوفاض) و أن زار الرئيس الموريتاني الرباط بكل تأكيد سيرجع بخفي حنين و بين هذا و ذاك تبقى الزيارة مجرد إشهار مدفوع الأجر و ان كان الثمن مؤجل إلى أجل غير مسمى.

عبدو سيدي محمد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى